DOMUNI UNIVERSITAS

الأخبار

دوموني اونيفرسيتاس ترسّخ دورها في تعزيز السلام والعمل من أجل إحلاله

دوموني اونيفرسيتاس ترسّخ دورها في تعزيز السلام والعمل من أجل إحلاله

25 أكتوبر 2023

في ظلّ الأجواء المشحونة التي تشهدها الساحة الدولية، ألقى قداسة البابا فرنسيس كلمته في المقابلة العامة مع المؤمنين في 18 تشرين الأول\أكتوبر 2023، حيث رفع صلواته إلى غزة، داعياً إلى "القيام بكلّ ما أمكن لتجنّب كارثة إنسانية"، وذلك وسط استمرار الاشتباكات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.


وأعلن قداسة البابا يوم 27 تشرين الأول\أكتوبر يوماً للصوم والصلاة، بحيث دعا جميع المسيحيين والمؤمنين من سائر الديانات ومَن يخدمون قضية السلام إلى الانضمام إلى هذه المبادرة. في المقابل، لا يزال الوضع الأمني ​​في أوكرانيا يتدهور، مع ارتفاعٍ مستمر في عدد الضحايا المدنيين. وعلى هذه الخلفية، بات الاحتفال بيوم السلام ضرورة ملحّة. لذلك، احتفلت دوموني اونيفرسيتاس مع العالم أجمع في 21 أيلول\سبتمبر باليوم العالمي للسلام، بحيث يصادف عام 2023 الذكرى السنوية الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. في هذا السياق، ازدادت أهميّة دور الجامعات في تعزيز السلام والعمل من أجل إحلاله، وذلك وسط عالم محفوفٍ بالصراعات والتوتّرات والتحديات العالمية. فليست الجامعات مجرّد مراكز للتعليم والبحث، إنّما هي أيضاً مراكز للابتكار والتسامح والتفاهم. من هذا المنطلق، يتعمّق هذا المقال في الدور المتعدّد الأوجه الذي تؤدّيه جامعة دوموني في سياق تعزيز السلام، سواء أعلى المستوى المجتمعي أم العالمي.

 

التعليم حجر زاوية السلام

يحتلّ التعليم مكانةً جوهرية في مهمة دوموني اونيفرسيتاس. فعلى غرار سائر الجامعات، تتولى جامعة دوموني مسؤوليّة تزويد الجيل الصاعد بالمعارف ومهارات التفكير النقدي والقدرة على تقدير التنوّع التي تُعتبر الركائز الأساسيّة للسلام. كما تعمل على تزويد الطلّاب بتعليمٍ شاملٍ يضمّ الفنون والعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، فتعزّز بالتالي فهم الطلّاب لمختلف الثقافات ووجهات النظر العالميّة، لاسيّما عبر دورات الفلسفة واللّاهوت. ويشكّل هذا الفهم حجر الأساس للتعاطف والتعاون اللّذين يُعتبران عنصرَين أساسيَين في مساعي إحلال السلام.

علاوةً على ذلك، تصبو جامعة دوموني إلى تعزيز ثقافة التسامح من خلال تشجيع الحوار المفتوح والتبادل الحرّ للأفكار. ويجتمع الطلاب من مختلف الخلفيّات في منتديات الجامعة عبر الإنترنت وخلال أيّام الدراسة المشتركة الحضوريّة، ممّا يوفّر لهم الفرصة للتعلّم من بعضهم البعض. ولا داعي للقول إنّ التعرّف على وجهات نظر مختلفة يسهم في كسر الصور النمطيّة والأحكام المسبقة، مما يفضي إلى بناء مجتمع أكثر سلاماً.

 

البحث لحلّ النزاعات

تُعدّ جامعة دوموني مركزاً للبحث والابتكار، ولا يمكن نفي مساهماتها الكبيرة في إطار حلّ النزاعات. في الواقع، يشارك عددٌ من الطلّاب وأعضاء هيئة التدريس في الأبحاث التي تعالج الأسباب الجذريّة للنزاعات، على غرار سوء الفهم الثقافي والديني، والتعصّب، والتطرّف، كما تحدّد الحلول المحتملة لها. وغالباً ما يشتمل هذا البحث على تعاونٍ متعدّد التخصّصات يجمع خبراء من مختلف المجالات منها العلوم السياسيّة وعلم الاجتماع والفلسفة واللّاهوت وعلم النفس والاقتصاد. تسعى جامعة دوموني عبر شراكاتها مع الجامعات ومراكز الأبحاث الأخرى إلى تمكين هذا النوع من الأبحاث وتعزيزه.

وتُعتَبَر دراسة السلام وحلّ النزاعات بحد نفسها أمراً بالغ الأهميّة للبحث الجامعي من أجل إحلال السلام وحلّ النزاعات. وتتمّ مناقشة فكرة السلام في الكثير من دورات دوموني اونيفرسيتاس وفي جميع البرامج الدراسيّة التي تقدّمها. في دوموني، نؤمن بأنّ تطوير فهم عميق بديناميّات السلام والصراعات يمكّننا من تزويد صنّاع السياسات والدبلوماسيّين الحاليين أو المحتملين بالمعرفة التي يحتاجونها ليكونوا وسيطاً فعّالاً في حلّ النزاعات والحدّ من العنف. ونسعى دائماً إلى توسيع آفاق هذا البحث إلى ما يتجاوز المجال الأكاديمي، على أن يكون له تطبيقات على أرض الواقع ممّا يسهم في وضع السياسات وتحديد الممارسات الملائمة على المستويات المحليّة والوطنيّة والدوليّة.

 

تعزيز التبادل الثقافي والتفاهم المتبادَل

تُعتبر جامعة دوموني عنواناً لتنوّع الثقافات والخلفيّات بكلّ ما للكلمة من معنى. وتجتذب إليها الطلّاب والأساتذة من جميع أنحاء العالم، ممّا يوفّر بيئة متنوّعة ومتعدّدة الثقافات. ويُعَدّ هذا التنوّع أداة قويّة لتعزيز السلام، لأنّه يشجّع التبادل الثقافي والتفاهم المتبادل.

من خلال المنتديات والندوات والمؤتمرات وأيّام الدراسة المشتركة وغيرها من الفعاليّات متعدّدة الثقافات عبر الإنترنت التي تخلق مساحات للتبادل، يسهل على جامعة دوموني إرساء التفاعلات بين الثقافات ما يعزّز التسامح ويبني أواصر العلاقة بين الأفراد من مختلف الخلفيّات. من شأن هذه التجارب أن تغني حياة الطلّاب، كما تساهم في تحقيق الهدف الأسمى المتمثّل في بناء عالم أكثر ترابطاً وسلاماً.

 

الشراكات ومبادرات إحلال السلام

تسعى جامعة دوموني إلى المشاركة بفعاليّة أكبر في مبادرات إحلال السلام والشراكات التي تعقدها مع المنظّمات المكرّسة لحل النزاعات وتعزيز السلام. تساهم مثل هذه المبادرات إلى إصدار أبحاث وكتب حول السلام، على غرار بعض المنشورات الصادرة عن مطبعة دوموني، "دوموني برس"، والتي تتناول مواضيع عدّة منها العيش المشترك، والمصالحة، والتفاوض السلمي من أجل حلّ النزاعات، كما يفضي إلى تعزيز المشاركة في العمل الميداني في المناطق المتأثّرة بالصراعات، إذ نسعى إلى أن يتعاون طلّاب الجامعات والباحثون مع المجتمعات المحليّة لمعالجة الأسباب الجذريّة للنزاعات وللحثّ على المصالحة.

كوّنت دوموني شراكات مع 1. منظّمات غير حكومية - إذ تتعاون مثلًا في الكونغو مع مركز البحوث لمنع وحل النزاعات المجتمعية [Centre de Recherche pour la Prévention et la Résolution des Conflits Communautaires] الذي تم إنشاؤه استجابةً لـ"الأزمات المتكررة التي شهدتها الأراضي الكونغولية" ويهدف إلى مراقبة النزاعات قبل حدوثها وبعده - 2. جامعات - كما في العراق ولبنان - 3. مراكز أبحاث - في فرنسا وخارجها - 4. وكالات حكوميّة، و5. منظّمات دوليّة – مثلًا ببدء مشروع مع اليونسكو وتسجيل دوموني في المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة - لدعم الجهود الرامية إلى إحلال السلام الثقافي. ويمكن أن يتّخذ هذا التعاون أشكالاً مختلفة، بما في ذلك المشاريع البحثيّة، والبرامج التعليميّة، ومبادرات بناء القدرات كذلك. ومن خلال الاستفادة من مواردها وخبراتها، تأمل جامعة دوموني أن تحدث تأثيراً إيجابياً في المناطق المتضرّرة من النزاعات وغيرها من المناطق في مختلف أنحاء العالم.

 

القيادة الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية

تتحمّل الجامعات مسؤوليّة غرس قيم القيادة الأخلاقيّة والمسؤوليّة الاجتماعيّة في نفوس طلّابها. ونتعامل في دوموني مع هذه القيم باعتبارها جزءاً لا يتجزّأ من السعي إلى تحقيق السلام. نسعى في دوراتنا وندواتنا ومجلّاتنا وكتبنا إلى تشجيع الطلّاب على إدراك مسؤوليّتهم تجاه مجتمعهم والعالم بأسره. على سبيل المثال، أسهمت مؤتمراتنا حول تاريخ الفن والعمارة في تزويد الحضور بالمعارف الأساسيّة لفهم الأعمال الفنيّة والآثار المتنوعّة وتقديرها، ومنها تلك المهدّدة. ولا شك في أنّ هذه المعرفة المكتسبة حديثاً من جلسات التوعية هذه ستحصد تأييد الطلّاب وتشجّعهم على الحفاظ على هذه الأعمال، مما يعزّز مشاركتهم المجتمعيّة وينمّي لديهم الحسّ بالمسؤوليّة الاجتماعيّة.

علاوةً على ذلك، تواصل دوموني تحسين طرق عملها لتكون مثالاً يُحتذى به في عمليّاتها وممارساتها. إنّ مبادرات الاستدامة وسياسات الاستثمار الأخلاقيّة، سواء على مستوى الموظفّين أم المؤسسات، منها اعتماد نماذج تشغيل صديقة للبيئة، تظهر الالتزام بالقيادة الأخلاقيّة والمسؤوليّة الاجتماعيّة. نأمل ونعلم أيضاً أنّ هذه الإجراءات تبعث برسالة قويّة إلى طلّابنا والمجتمع العالمي ككل، وتشجّعهم على وضع القيم الّتي تعزّز السلام والاستدامة على قائمة أولويّاتهم.

 

وأخيراً، إنّ دور مؤسّسات التعليم العالي في تعزيز السلام والعمل من أجل إحلاله، كما هو الحال في دوموني اونيفرسيتاس، يمتاز بطابع عميق متعدّد الأوجه. وتساهم جامعة دوموني في تعزيز السلام والتنمية المستدامة على المستوى العالمي عن طريق التعليم والمنشورات والتبادل الثقافي والأبحاث حول مبادرات إحلال السلام والقيادة الأخلاقيّة. وبصفتها مؤسّسة تعليميّة تبني فكر الجيل الشاب وتنمّي قادة الغد، تحاول جامعة دوموني بلا كلل أن تغتنم الفرصة لغرس ثقافة السلام والتسامح والتفاهم في عالمنا المتغيّر باستمرار. في الختام، نود أن نضمّ صوتنا في هذا السياق إلى صوت الأمم المتحدة عبر تشجيع جميع الشباب على الانخراط أكثر في المسائل المجتمعيّة وأن يكونوا عناصر فعّالة وبنّاءة في المجتمع، مع الانضمام إلى الحركة الرامِيَة إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة والمُساهِمة في إحلال السلام المستدام. ونودّ أيضاً أن نعلن عن انضمامنا إلى مبادرة قداسة البابا لعقد ساعة صلاة في 27 تشرين الأوّل\أكتوبر "بروح التوبة" لنطلب من الله "السلام في أيامنا، والسلام في هذا العالم". وأخيراً، لا بدّ من الإشارة إلى أن تاريخ 27 تشرين الأوّل\أكتوبر يتزامن مع اليوم العالمي الأول للصلاة من أجل السلام، الذي أقيم في أسيزي في 27 أكتوبر 1986.